التحرك بين الحدود “السرد الشفوي” و “التاريخ الشفوي”
لطالما ابتلي سوق النشر والشراء وقراءة الكتب بمشاكل عديدة قد سببتها بعض القضايا، وكانت وسائل الإعلام الرقمية، مع توافرها على نطاق واسع، قد وفّرت على الأقل منصة للباحثين وعشاق العلوم المتعددة. [2] تتمثل أهم التحديات التي تواجه جماهير الوسائط الرقمية في استخدام المصطلحات والمفاهيم العلمية والترويجية وإساءة استخدام المفاهيم العلمية والمعلومات الخاطئة.
إذا كان أحد أهداف الوسائط الرقمية هو تعزيز المعرفة البشرية ومهاراتهم من أجل حياة وتجربة أفضل، فمن الضروري أن يتم إنتاج الأعمال وعرضها في هذه الوسائط، لا سيما السمعية والبصرية (الوسائط الوطنية)، بما في ذلك النصوص والصوت والفيديو (الصور ومقاطع الفيديو)، ومراجعة ونقد وتقييم المجالات المختلفة للعلوم والمعرفة بعناية. في غضون ذلك، يتطلب شكل وهيكل برنامج التاريخ الشفوي الإيراني الشهير في الشبكة الوثائقية لجمهورية إيران الإسلامية تحليلًا علمياً، رغم أنه في برامج الشبكة الوثائقية الأخرى مثل سلسلة الأفلام الوثائقية: “ضد العاصفة” ، ” الشارع الحكم و (به توان چهل) وعلى معظم شبكات وسائل الإعلام الوطنية هناك دلائل على التاريخ الشفهي في مختلف البرامج البصرية (الفيلم) المختلفة.
“الشبكة الوثائقية” التلفزيون، هي شبكة متخصصة مدتها أربع وعشرون ساعة مخصصة لإنتاج وتوزيع الأفلام الوثائقية. تم اختبار هذه الشبكة مع السينما الوثائقية لأول مرة منذ عام 2009م، كما بدأت نشاطها رسمياً العام 2010م وتمت مزامنتها مع أنظمة تشغيل SD و HD منذ نهاية عام 2015م. [4]
منتجات وتطبيقات الشبكة الوثائقية بالإضافة إلى البث من هذه الشبكة ، تم تحميلها ومشاركتها بواسطة وسائط أخرى مثل الإنترنت (الأجهزة، اليوتيوب، التليفزيون، إلخ) ووسائل التواصل الاجتماعي (سروش)، انستغرام، إلخ) ،بيد أنّ هذا الموقف يمكن أن يضاعف جمهور وتأثير برامج الشبكات الوثائقية، وخاصة برنامج التاريخ الشفوي الإيراني. لهذا السبب، فإنّ ضرورة ما ورد أعلاه نشعر به أكثر من السابق.
بث وثائقي “تاريخ إيران الشفهي” من إنتاج سعيد رسولي لأول مرة في ثمانية وعشرين بوابة [5] تمت الموافقة عليه من قبل شبكة (سيما) الوثائقية والتركيز الرئيسي لهذا البرنامج “معالجة ودراسة التاريخ الإيراني من خلال تقديم صور للأحداث والفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية في البلاد في الخمسين سنة الماضية”.
يعد “برنامج تاريخ إيران الشفوي” من أكثر البرامج اليومية شعبية على شبكة الأفلام الوثائقية، ويتم بثه بداية في الساعة 18:30 ويُعاد في تمام الساعة 11:30. بالطبع، تم بث أول فيلم وثائقي للتاريخ الشفوي الإيراني بعنوان “انقلاب حامية نوغاي 1980م” في 20 سبتمبر 2017م.[7] في هذا الوقت تقريباً، تولى مهدي مؤيدي مسؤولية إعداد برنامج التاريخ الشفوي الإيراني. في فبراير العام 2018م، وعشية عشرة الفجر المباركة للثورة الإسلامية، تم الإعلان عن “الحكاية التي لا لبس فيها في تاريخ الثورة وإحياء أسس الثورة الإسلامية للجيل الجديد” كأهم أهداف برنامج التاريخ الشفوي الإيراني. ووفقاً لذلك، كان الهدف من برنامج “التاريخ الشفوي الإيراني” هو تعريف الجيل الحالي على أسس الثورة الإسلامية في عشية عشرة الفجر المباركة لإنتصار الثورة الإسلامية باستخدام الصور الأرشيفية البكر والأقل مشاهدة.
يعرض برنامج “التاريخ الشفوي الإيراني” صوراً غير مرئية وأقل مشاهدة لمحاضرات التاريخ المعاصر ومقابلات حول القضايا النظرية والخطوط العريضة للثورة الإسلامية المخطط لها في سنواتها الأولى. وكان السبب الأكثر أهمية لهذا القرار هو أنّ “الجوانب الثقافية والسياسية والإيديولوجية الثورية الإسلامية للشعب الإيراني في عام 1978 كانت دائماً أعمق وأكثر كثافة من الجوانب الأخرى لهذا الحدث التاريخي. لذلك يجب إعادة قراءة هذه المبادئ لمن لم يعاصر تلك الفترة وتلك الأحداث … التاريخ الإيراني الشفوي في فجر إنتصار الثورة الإسلامية في إيران يسعي ومن خلال الوفاء بالوثائق، لتوفير ما تحتاجه اليوم لإعادة سرد هذه المبادئ”.
وحسب ما ذكره السيد مؤيدي: “مبادئ الثورة الإسلامية 1978م يمكن تحديدها على حد تعبير شخصيات بارزة في الثورة. لسوء الحظ، حُرمت الثورة من وجود شخصيات مثل الشهيد الأستاذ مطهري كذراع أيديولوجي قوي من قبل الاغتيالات العمياء للرجعيين في ذلك الوقت، لكن أفراد مثل الإمام الخميني الراحل (رحمه الله) في العقد الذي أعقب انتصار الثورة الإسلامية والشهيد الدكتور آية الله بهشتي قبل استشهاده بسنتين أو ثلاث سنوات، قد أشارا إلى نقاط أساسية ومفيدة للغاية حول الأبعاد الإيديولوجية للدولة الإسلامية وجذورها الدينية وأسباب التزامها بالحكم الديني… “ كان بث الصور المؤرشفة من حوار شخصيات الثورة الإسلامية علي جدول اعمال هذا البرنامج“.
وفي هذا الصدد، و تزامناً مع عشرة الفجر المباركة لعام 2017م، تم بث مقابلة مراسل الإذاعة والتلفزيون السويسرية مع الإمام الخميني في نوفلوشاتو (نوفمبر 1979)، ومحادثات الإمام الخميني (رحمه الله) مع الوفد اللبناني في مدرسة علوي في طهران (فبراير 1979)، و مقتطفات من تصريحات الإمام الخميني (رحمه الله). لقاء مع وفد مكون من 280 شخصاً مع عدد من أهالي وشيوخ الكويت وطلاب كلية الطب مع آية الله طالقاني، ولقاء حاشد لعدد من أفراد الجيش في حامية شيراز مع الإمام الخميني في مدرسة الفيضية بقم في في مايو العام 1979م، ومقابلة الشهيد آية الله الدكتور بهشتي التلفزيونية في يونيو عام 1979م حول دور رجال الدين في الثورة الإسلامية في إيران. في 19 و 21 و 22 فبراير، بث برنامج التاريخ الشفوي الإيراني محاضرة للدكتور آية الله الدكتور بهشتي حول جذور الليبرالية وآثارها. [8]