ذكريات لم تُري

عادة، يعتبر عدد وتنوع المنتجات الثقافية والفنية بمثابة مؤشرات لتقييم الوضع الثقافي، وهو أيضاً أساس الحكم من قبل العديد من الأفراد والمؤسسات.

كما شغلت هذه النظرة أذهان العديد من المسؤولين ودفعتهم إلى التفكير فقط في عدد الأعمال وتخصيص الميزانية وغيرها من أشكال الدعم، بغض النظر عن ثراء المحتوى ودرجة التأثير وجاذبية الجمهور.

في مثل هذه الحالة، يواصل بعض الناشرين، الذين لديهم أيضاً اهتمامات ثقافية وقيمة عميقة، التضحية بالنوعية والكمية من أجل إنتاج عدد كبير من الأعمال السريعة. لا تساهم هذه الأعمال في نمو الثقافة وتحقيق أهدافها النبيلة فحسب، بل تسبب أحياناً ضرراً.

مثال على هذا الوضع هو الحجم الكبير للأعمال المنشورة في مجال المذكرات والتاريخ الشفوي، وكثير منها غير قادر على جذب حتى أصغر جمهور وليس له قيمة مضافة في عملية تخزين معرفة المجتمع.

لقد قيل مراراً وتكراراً أنّ الغرض من المذكرات والتاريخ الشفوي ليس مجرد نشر قصة الراوي وما يدور في ذهنه، بدلاً من ذلك، الهدف هو إضافة صفحة جديدة وصالحة بالطبع إلى صفحات كتاب التاريخ من أجل المساعدة في تسجيل الحقيقة أو اكتشافها.

في السنوات الأخيرة، شهدنا مؤسسات وناشرين ووسائل إعلام تسجل وتنشر مذكرات بأشكال مختلفة كل يوم، لكنهم لم يحددوا ما يحتاج الجمهور والتاريخ للإجابة عليه. يجب أن يكون لتأثير التاريخ الشفوي، مثل أي بحث آخر، أهدافاً محددة حتى يتمكن الجمهور من إجراء تقييم واضح لإنجازه.

إذا كانت المجموعات الأقل شهرة في المجتمع في هذا النوع من التأريخ تحدد دوراً جديداً وموقعاً جديداً لأنفسهم من خلال الدخول في عمل تجميع التاريخ، فيجب توخي الحذر عند تقديم هذا الدور حتى لاتصبح أعمالهم عديمة الفائدة ومضيعة للموارد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *